منحة مؤسسة الملك فيصل تفتح أبواب الفرص والنجاح لي
الدكتور أيمن شبرا
بعدما أنهيت دراستي الجامعية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، عملت كفنّي في أرامكو، حيث قمت بصيانة وإصلاح معدات الاتصالات السلكية واللاسلكية في هذا المجال. رغم أن العمل كان مليئًا بالتحديات وممتعًا بوجود الزملاء في الشركة، ولكنني قررت متابعة دراساتي العليا.
كنت محظوظًا لحصولي على القبول الجامعي في عدد من كليات الهندسة الجيدة في الخارج، ولكن إمكانياتي لم تمكنّي من الوصول إليها فجاءت منحة مؤسسة الملك فيصل لتمكنّي من ذلك، فلولا حصولي عليها لما استطعت القيام بأي من الأعمال التي أنجزتها خلال الـ 25 عامًا الماضية. لذلك وعليه فأنا مدين بالكثير من الامتنان للمؤسسة لما قدمته من الدعم، فذهبت إلى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على منحة المؤسسة الدراسية التي استمرّت عامين وهناك قام المشرف على بحثي، البروفيسور هاري لي، بتعييني كمساعد باحث، مما ساعدني في إكمال رسالة الدكتوراه.
بقدر ما كانت نقطة التحول هذه مهمّة بالنسبة لي، أشعر بالكثير من الامتنان لوالديّ لما قدماه لي طوال حياتي، فقد كبرت في منزل مليء بالحب والكثير من الكتب.
شخص مُلهِم في حياتي
أثناء دراستي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، قابلت معلّمي الرائع، البروفيسور محمد طاهر أبو المعاطي، الذي قدّم لي الكثير من الرعاية – كطالب جامعي – آنذاك، وعرّفني على مجال الأبحاث في الإلكترونيات. لقد ترك ذلك الإنسان بصمة مميزة في حياتي وفي حياة الكثيرين فكان يتمتّع بشخصية يملؤها التميّز والتفاني في العمل وعلمني كيف أكون حرفيًا متفانيًا.
المستقبل
بالنسبة لمستقبل الهندسة، أرى بأنها ستستمر كمشروع متكامل تُنجز أهم أعماله بمشاركة العديد من المهندسين المتعاونين، على عكس المفهوم الشائع حول العبقري الذي يعمل بمفرده في المختبر ويغيّر العالم.
آمل أن أتمكن من أن أكون جزءًا من هذا المشروع الجماعي المتكامل، مع الاستمرار بالعمل على التقنيات ذات التأثير الإيجابي التي تصل إلى الجميع في العالم.
التحديات
لقد واجهت العديد من التحديات في مسيرتي، ولكنني سأذكر فقط إحداها التي تمثّلت بصعوبة مواكبتي لفيض المعرفة في عالمنا المتنامي كل يوم. فمن الصعب عليّ أن أتابع كل ما يتم إنتاجه في مجال تخصصي، مما يجبرني على تجاهل العديد من الأعمال المبنيّة عل أسس بدائية أو ركيكة.
وثمة تحدٍ آخر يكمن في صعوبة إيجاد الأفكار الجيدة وتحقيقها في مدة قصيرة. فإن أفضل الأفكار في الهندسة والعلوم تستغرق سنوات عديدة حتى تتحقق وتنال التقدير المستحق.
فكم يعجبني التعليق الأخير لستيفن جونسون في نهاية كلامه في محادثات تيد 2010 (TED 2010) “الفرص تفضّل العقول ذات الأفكار المترابطة”. إنها فكرة طوّرها في كتابه “من أين تأتي الأفكار الجيدة” وتستند إلى بحث أجراه كيفن دنبار. يظهر البحث أن الإبداع يزدهر في بيئة تتيح للناس حريّة التواصل وتبادل الأفكار.
أفضل اختراع
يستخدم الاقتصاديون مصطلح تقنيات للأغراض العامة، أو GPT، لتحديد فئة صغيرة جدًا من الاختراعات التي كان لها تأثير عظيم وبعيد المدى على الاقتصاد والمجتمع.
يمكننا إدراج الهواتف المحمولة ضمن هذه المجموعة، فسرعة تأثيرها على العالم ملحوظة، فعلى سبيل المثال، إن زيادة انتشار الهواتف المحمولة بنسبة 10٪ تؤدي إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1٪، كما أن الهواتف المحمولة، مثل سائر التقنيات للأغراض العامة كالحوسبة، والذكاء الاصطناعي، والإنترنت، وصلت إلى أكثر الناس تهميشًا حول العالم، فكانت بالفعل محركًا فريدًا لإضفاء الطابع الديمقراطي على التقنية، وهو الذي تم تحقيقه من خلال الانخفاض المستمر في التكلفة.
في العام الماضي، ومع انتشار وباء كورونا، لعبت الهواتف المحمولة دورًا هامّاً في التعلّم عن بعد للأطفال وتسهيل التباعد الاجتماعي وبروتوكولات تتبع الاتصال، وعلى هذا النحو، أود ترشيح الهاتف المحمول كأفضل اختراع، وأعترف بأنني متحيز لاختيار الهواتف المحمولة كأفضل اختراع لأنني، ولحسن الحظ، أمضيت الكثير من الوقت خلال العشرين عامًا الماضية في تصميم دوائر لها.
الأمر المثير للاهتمام هو أن عملية تطوّر تقنية الهاتف المحمول لم تنته بعد، ونأمل في العقد القادم أن نرى تأثيرًا أكبر لها مع تقنية الجيل الخامس 5G، خاصة في المناطق التي تفتقد البنى التحتية حول العالم، لعلّها تمهّد الطريق لتوفير التعليم الأساسي العالي الجودة والرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم. وهنا عليّ أن أضيف بأنه ليس بإمكان التقنية وحدها أن تجلب جميع الحلول الشافية لمشاكل الكون، ولكن الأمل هو أن يتم استخدامها كإحدى الأدوات لبناء عالم أفضل.